عنب بلدي : مين زُوجِك؟ حملة للتنبيه إلى مخاطر الزواج من مجهولي النسب.
في ظل ارتفاع نسبة زواج السوريات من مهاجرين، وخاصة في المناطق التي تسيطر عليها “تنظيمات إسلامية”، وتفاقم الآثار السلبية الناجمة عن انتشارها، أطلق ناشطون صحفيون وحقوقيون حملة “مين زُوجِك؟”، بهدف الإضاءة على هذه الظاهرة ونشر التوعية حول مخاطرها.
منسق الحملة، عاصم زيدان، أوضح لعنب بلدي أن الحملة تستهدف المجتمعات التي انتشرت فيها ظاهرة زواج السوريات من مهاجرين، وخاصة الشمال السوري الذي تسيطر عليه هيئة “تحرير الشام”.
وتتوجه الحملة من خلال أنشطتها إلى النساء في هذه المجتمعات بشكل أساسي، بالإضافة لأولياء الأمور، وأصحاب القرار المحليين، كرجال الدين والقانون، كونهم المسؤولين عن تنظيم عقود مثل هذه الزيحات والتي تعتبر غير شرعية وغير قانونية.
وأشار زيدان إلى أن الإحصائيات تشير إلى تسجيل ما يقرب من 1750 حالة زواج لسوريات من مهاجرين، 1124 منهن أصبح لديهن أطفال، وبلغ عدد الأطفال المولودين من هذه الزيجات 1826 طفلًا وطفلة، بينما لا توجد إحصائيات لزواج سوريين رجال من أجنبيات مهاجرات ينتمين لفصائل إسلامية.
ولفت إلى أن الآثار السلبية الناتجة عن زواج السوريين من أجنبيات لا تقارن بحجم السلبيات الكبيرة والخطيرة الناجمة عن زواج السوريات من مهاجرين.
أبناء بلا قيود
ويشكل زواج السوريات من أجانب مجهولي النسب “آفة مجتمعية”، تعود بسلبيات كثيرة، لعل أبرزها أبناء بلا جنسية وقيود مدنية.
وأوضح زيدان أن هناك الكثير من النتائج السلبية الناجمة كنتيجة منطقية عن زواج السوريات من المهاجرين، أهمها مستقبل الأطفال كثمرة لهذا الزواج، وهوية هؤلاء الأطفال، والعوائق المختلفة المؤثرة على مستقبلهم، فهم حكمًا وقانونًا مجردون من الحقوق المدنية السورية، ومن أهم هذه الحقوق الهوية والتعليم، بالإضافة لتعلق هؤلاء الأطفال بشيء من الموروث غير السليم المرتبط بآبائهم.
ويأتي ذلك فضلًا عن الوضع النفسي والصحي والعائلي للنساء المتزوجات من مهاجرين، ففي أغلب الحالات كان هناك عدم استقرار في طبيعة الحياة الزوجية كنتيجة لاختلاف الثقافات، وغايات الزوج من هذا الزواج ونظرته للمرأة كسلعة.
وبالإضافة لذلك فإن نسبة من هؤلاء المهاجرين تركوا زوجاتهم، إما بعودتهم لبلدانهم الأصلية، أو انتقالهم مع تنظيماتهم لمناطق أخرى دون أن تنتقل معهم النساء السوريات المتزوجات بهن، فضلًا عن مقتلهم في حالات أخرى.
وتبقى المرأة السورية في هذه الحالات غالبًا مع أطفالها دون معيل، بمواجهة تحديات عديدة على مستوى عائلتها ومجتمعها وحتى على مستوى علاقتها بأطفالها.
ويضاف إلى السلبيات الناتجة عن هذا النوع من الزواج عدم معرفة الزوجة وعائلتها، ولا حتى رجل الدين منظم عقد الزواج، باسم ونسبة المهاجر الحقيقية، والتي عادة يخفونها لأسباب أمنية ووقائية، ولا يمكن الاعتماد على الوثائق التي يحملونها لأنها غالبًا تكون مزورة للانتقال بين الدول، لذلك يعد هذا العقد، كما أجمع رجال الدين والقانون، باطلًا، لأن معرفة اسم ونسب الزوج هو شرط أساسي وأولي من شروط سلامة العقد وصحته.
نشاطات في مناطق المعارضة
أما عن نشاطات الحملة، فبيّن زيدان أن العديد من الجلسات النسائية الحوارية ستعقد بهذا الخصوص في ريف إدلب الجنوبي وريف حلب الغربي، بالإضافة لإلصاق بوسترات وبروشورات على جدران الأماكن العامة في إدلب وريفها، إلى جانب النشاطات المختلفة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وشاع في المجتمع السوري، خلال السنوات القليلة الماضية، زواج السوريات من المقاتلين الأجانب الذي قدموا إلى سوريا، منذ عام 2013، للقتال مع تنظيمات إسلامية مختلفة.
وإلى جانب الفقد والتشرد، كان على المرأة السورية خلال الأعوام الماضية أن تدفع أثمانًا كبيرة لما لم تقترفه، كما كانت مجبرة أن تكون ضحية لجميع تفاصيل الحرب، حتى لـ “جهاد” المقاتلين الأجانب، الذين قدموا للقتال إلى جانب عدد من الفصائل العسكرية في سوريا.
وكان عدد كبير من هؤلاء المقاتلين يبحثون في سوريا عن زوجات يمكن أن يخففن عنهم جزءًا من “صعوبات الجهاد” و”وحدة الهجرة”.
ورغم أنّ مناطق سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” شهدت أكبر أعداد من حالات الزواج هذه، إلا أنّ مناطق سيطرة المعارضة شهدت أيضًا حالات كثيرة لزواج المقاتلين الأجانب من الفتيات والنساء السوريات.
فتوى: لا يجوز الزواج من مجهول النسب
وفي شهر تشرين الثاني الماضي أصدر مجلس الإفتاء السوري، التابع للمجلس الإسلامي السوري، فتوى حول زواج الفتيات السوريات من المقاتلين الأجانب “مجهولي الاسم والنسب”.
وجاء في نص الفتوى، أنه لا يجوز للولي تزويج الفتاة من رجل يخفي اسمه ونسبه، لما يترتب على ذلك من أضرار ومفاسد شرعية واجتماعية، ولمخالفته مقاصد الشريعة في الحفاظ على الأعراض والنسب واستقرار المجتمع، وفق ما جاء في البيان.
وبحسب مجلس الإفتاء السوري فإن الزواج من “مجهولي النسب” لا يبطل الزواج شرعًا، كما أن الولد الناتج عنه يعتبر “شرعيًا”، إلا أن من شأنه تضييع حق المرأة في معرفة زوجها وعائلته، كما يضيع حقها بالميراث ويبقيها معلقة في حال هروب زوجها “المجهول”.
وأضاف أن من المفاسد المتعلقة بهذا الزواج تضييع حق الولد في معرفة نسبه وصعوبة حصوله على أوراق ثبوتية أو جنسية البلد الذي ينتمي إليه والده، وبالتالي فإن الواجب هو “درء المفاسد”.
من جانبه، قال الشيخ محمد الخطيب، رئيس الهيئة الشرعية في الجبهة الشامية، في حديث سابق لعنب بلدي، إن أسباب قبول بعض الأهالي تزويج بناتهم من مقاتلين أجانب تتمحور حول جهل الكثير من الناس، وفي حين يتبعون الحديث النبوي القائل “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه”، إلا أنّهم لا يتحققون من هويّته وأصله.
وأضاف الخطيب أن عقود الزواج من “مجهولي الاسم” لا تصحّ شرعًا، لأن الشرع يوجب أن يكون الطرفان معروفين، ما يجعل أمر صحة هذه العقود مشكوكًا بها.