منهل باريش : إدلب في اليوم العالمي لحرية الصحافة.
اعتقلت «تحرير الشام» 146 شخصاً بينهم طفل وأربع نساء خلال العام الماضي وأغلب المعتقلين نشطاء في مؤسسات المجتمع المدني وإعلاميين وعمال إغاثة، على خلفية انتقاد سياسة الهيئة.
في محاولات تلميع صورتها المستمرة، لم توفر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، لتصدر بيانا، تذكر فيه بواقع الإعلام والصحافة الحالي في سوريا، وتقارنه بالإعلام «في عهد الطاغية الأب والأبن، حيث كان الاستبداد سيد الموقف، ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة».
ونوه البيان الذي أصدره مسؤول العلاقات الإعلامية في هيئة تحرير الشام، تقي الدين عمر إلى تحقيق الثورة السورية «إنجازات على مدار سنواتها العشر، علا صوت الحق وانتصر على الظلم والعدوان، وعاشت المناطق المحررة بعد عقود من الاحتلال والقهر، عهد حرية وكرامة أمن فيه الناس على أولادهم وأموالهم وسادهم الشرع الحنيف السمح».
وأضاف عمر «إن حرية العمل الإعلامي في إدلب لا تقارن بغيرها من المناطق في سوريا». مستدلاً على ذلك بـ»العدد الكبير من الناشطين والإعلاميين في الداخل وسريان عملهم وتوفير بيئة العمل المناسبة لهم ووصولهم إلى المعلومة ومواكبة الحدث» إضافة إلى «عدد وفود الصحافة الغربية التي توافدت إلى إدلب خلال العامين المنصرمين ولا تزال بازدياد».
وأكد بيان العلاقات الإعلامية على نبل رسالة الإعلاميين، واختصرها في «الدقة والتحري ونقل الحقيقة» ولفت إلى أن «أهم مبادئ ثورتنا وجهادنا الحرية والكرامة وصون الصوت الحر. صوت الحق الذي ينصر صوت المظلوم ويدافع عن القضية» مختزلا الحقيقة بنقل «حقيقة إجرام الغزاة المحتلين للعالم أجمع».
وتزامن بيان العلاقات الإعلامية مع استدعاء مصور وكالة الصحافة الفرنسية «أ.ف.ب» عمر حاج قدور إلى مديرية الإعلام التابعة لحكومة الإنقاذ الذراع المدني لهيئة «تحرير الشام» على خلفية نشره صورة له أثناء الاعتداء عليه وضربه مع عدد من الإعلاميين على جسر مدينة أريحا، لحظة تصويرهم دورية روسية تركية مشتركة على طريق حلب- اللاذقية في 10 حزيران/يونيو 2020 على غرار ما يفعل الصحافيون بنشر صور الانتهاكات بحقهم في اليوم العالمي لحرية الصحافة، كنوع من أنواع المطالبة بحرية أوسع وضمان سلامتهم، وإلى جانب قدور، تعرض يومها11 صحافيا للضرب والإهانة من قبل أمنية هيئة تحرير الشام وهم صافي حمام، مراسل «الجزيرة مباشر» ومعاذ العباس، مراسل شبكة «بلدي» وغيث السيد، مراسل شبكة «شام» وعلي حاج سليمان، مراسل شبكة «شام» و عز الدين القاسم، متعاون مع وكالة «الأناضول» وكنانة هندواي، مراسل وكالة «ثقة» ومعاوية الأطرش وأحمد فلاحة العضوين بالمكتب الإعلامي في بنش، وعبد الواجد حاج سطيفي، متعاون مع وكالة الصحافة الفرنسية وعبد الرزاق صبيح، مراسل قناة «حلب اليوم» ومحمد الرفاعي، مراسل موقع «زمان الوصل» الإلكتروني.
وكتب قدور على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» ما جرى معه بالاستدعاء إلى مديرية الإعلام «قامت بثقب بطاقتي الصحافية كعقوبة أولية، علماً أني تحدثت في المنشور عن حرية الصحافة في بلدي سوريا بشكل عام ولم أخصص فيه إدلب، وتم تحذيري من أن نشر ذات الصورة في المستقبل، سيعرضني لعقوبات أكبر تصل حد منعي من التغطية والعمل الإعلامي بشكل نهائي» مضيفا أنه طلب منه «التعهد بعدم تكرار نشرها، فلم أوافق على ذلك بسبب عدم وجود أي قانون دولي يجرم هذا الأمر».
في سياق متصل، قال المدير التنفيذي لمؤسسة توثيق انتهاكات جبهة النصرة، عاصم زيدان أن انتهاكات التنظيم مستمرة ولا تتوقف رغم كل الدعاية التي تروجها الهيئة، وأشار في اتصال مع «القدس العربي» إلى أن تحرير الشام «اعتقلت خلال الأشهر الأربعة الماضية أكثر من 40 شخصا، بينهم أربعة إعلاميين هم عامر العاصي وخالد حسينو ومحمد علم الدين صباغ ومحمد نعسان الدبل (أفرج عنه) كما اعتقلت ناشطا مدنيا بتهمة سب الذات الإلهية وأفرجت عنه إضافة إلى عناصر في الشرطة المدنية الحرة التابعين لوزارة الداخلية في الحكومة المؤقتة وعضوا في الائتلاف الوطني السوري المعارض».
ولفت إلى أن «التضييق على النشطاء الإعلاميين مستمر، وبشكل كبير وقليلة هي الحالات التي يتم إشهارها إلى العلن من قبل النشطاء ونستطيع توثيقها نحن أو المنظمات الحقوقية أو المعنية بتسجيل الانتهاكات بحق الصحافيين، ومرد ذلك إلى الخوف والرعب على حياتهم والخشية من الاعتقال أو التصفية».
وكان اغتيال الإعلاميين والناشطين رائد الفارس وحمود الجنيد آخر عملية اغتيال اتهمت بها «تحرير الشام».
وفي مناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، أصدرت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» تقريرها السنوي الذي ترصد به الانتهاكات ضد الصحافيين والنشطاء الإعلاميين. حيث وثقت الشبكة مقتل 709 إعلاميين على يد قوات النظام السوري، خلال الفترة آذار/مارس 2011 وحتى يناير/كانون الثاني 2021. في حين رصدت على صعيد الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري ما لا يقل عن 1211 حالة اعتقال وخطف بحق صحافيين وعاملين في مجال الإعلام على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار/مارس 2011. وأشار التقرير إلى انه لا يزال ما لا يقل عن 432 منهم بينهم 3 سيدة و17 صحافياً أجنبياً قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري حتى أيار/مايو الجاري يتوزعون على النحو التالي:
357 بينهم سيدتان، وأربعة صحافيين لدى قوات النظام السوري، وثمانية لدى هيئة تحرير الشام، و12 لدى المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، و7 لدى قوات سوريا الديمقراطية «قسد». وأضاف التقرير أن 48 من الصحافيين والعاملين في مجال الإعلام بينهم سيدة، وثمانية صحافيين أجانب اعتقلهم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» وباتوا في عداد المختفين قسرياً ومجهولي المصير.
كذلك وبحسب الشبكة، اعتقلت «تحرير الشام» 146 شخصاً بينهم طفل وأربع نساء خلال عام 2020 وأغلب المعتقلين نشطاء في مؤسسات المجتمع المدني وإعلاميين وعمال إغاثة. وتشير الشبكة إلى أن أغلب الاعتقالات أتت على خلفية انتقاد سياسة «الهيئة».
وفي اتصال عبر تطبيق «واتساب» قال رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني أن الانتهاكات التي مارسها النظام هي: «الأعلى والأكثر بشاعة من اعتقال الصحافيين وتعذيبهم، ولكنه ليس قدوة لنا باعتباره الأسوأ في العالم الآن» مضيفا كما أوردنا بالمؤشرات الديمقراطية «فريدوم هاوس» لا يمكننا القول أن المناطق في شمال غرب سوريا تحوي إعلاما مستقلا وحرا، لأن القوى المسيطرة فيها عندها أسقف حرية تعبير، لذلك أين حرية الرأي؟ هل يستطيع الإعلام نقد ممارسات الفصائل دون التعرض لملاحقة من القوى المسيطرة؟ كما حذر عبد الغني من بعض «ممارسات قوى أمر الواقع في شمال غرب سوريا وهي تجييش الإعلاميين في المنطقة تجاه الإعلام الحر».
من جهتها، وثقت رابطة الصحافيين السوريين خلال شهر شباط/فبراير الماضي وقوع 4 انتهاكات ضد الإعلام في شمال وشرق سوريا، بمعدل انتهاكين، سجل ضد القوتين المسيطرتين، قسد في شرق سوريا وهيئة «تحرير الشام» في إدلب، بينما لم يسجل أي انتهاك بحق الصحافيين بمناطق ريف حلب الشمالي.
واحتلت سوريا المرتبة 173 في مؤشر حرية الصحافة السنوي، وتعتبر واحدة من أسوأ دول العالم على الإطلاق إلى جانب المملكة العربية السعودية فيما تصدر تونس قائمة الدول العربية في حرية الصحافة.
الجدير بالذكر، أن قائد هيئة «تحرير الشام» أبو محمد الجولاني صرح في مقابلة مع الصحافي الأمريكي مارتن سميث، نشر مقطع منها في نيسان/أبريل الماضي، استعداده لفتح سجونه في إدلب أمام المنظمات الحقوقية الدولية واستقبال الوفود الدولية للاطلاع على واقع السجون في إدلب. ما دفع المدير التنفيذي لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» كينيث روز إلى تحدي الجولاني بفتح سجونه، وكتب على حسابه على موقع «توتير»: «رئيس هيئة تحرير الشام في محافظة إدلب السورية نفى وجود حالات تعذيب للسجناء وانتهاكات، وقال إنه سيمنح منظمات حقوق الإنسان الدولية حق الوصول إلى سجون الجماعة، نحن في انتظار الدعوة»