الابتزاز المالي لأهالي الضحايا للحصول على معلومات حول اختطافهم من قبل هيئة تحرير الشام
“ساويت المستحيل لاجمع المبلغ” بهذه العبارة بدأت أم أيمن المنحدرة من مدينة حمص كلامها وهي تتحدث عن اختفاء ابنها في منطقة إدلب الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام وابتزازها ماليا ليتم اطلاق سراحه.
وتقول لم يمض سوى يومين على اختطاف ابنها الا واتصل بها رقم غريب وأخبرها أن ابنها ذو العشرين عاما بين أيديهم وأنهم لن يطلقوا سراحه قبل دفع مبلغ مقداره ستون ألف دولار أميريكي، ردت أم أيمن عليهم “من وين جبلكن كل هاد المبلغ بدو دولة لتأمنو ونحنا جماعة” فانقطع الاتصال قبل أن توضح لهم وضعهم المعيشي بعد التهجير.
حاولت ام ايمن اللجوء للجهات الأمنية في هيئة تحرير الشام لكن دون استجابة تذكر ما يؤكد علاقتهم بالخطف وهذا الأمر ليس بجديد عليهم كما تقول أم أيمن خاصة انهم اختطفوا ابن عم ابنها سابقا ومشاكلهم مع عائلة ام ايمن لم تنته بعد.
اتصل الرقم الغريب مجددا وقد أرسل مقطع فيديو وهو يقطع أذن الشاب بشكل وحشي كما تصف الأم والدموع لا تفارق وجهها مكررين طلب المبلغ وأن تقوم بجلب المبلغ وحدها دون أن تخبر أحد من عائلتها بالمكان المتفق عليه أو سيتم ذبح ابنها.
“جمعت المبلغ بطريقة جنونية من الغريب قبل القريب ومن كل من أعرفهم داخل سوريا وخارجها” هكذا قالت أم أيمن وتضيف “قمت بايصال المبلغ لمكان داخل مدينة إدلب التي تحكمها يد هيئة تحرير الشام بيد من حديد ولايمكن لعصابة أو ما شابه أن تقوم بهذا العمل دون علم الهيئة” ليخرج بعدها ابنها من ذات المكان متجه نحوها ويؤكد لاحقا أنه كان ضمن مقر تابع لهيئة تحرير الشام ويضم الكثير من الناس والعناصر الملثمة.
ينتهج عناصر هيئة تحرير الشام أسلوب الابتزاز المالي لأهالي الضحايا للاستفادة ماديا مقابل إعطاء معلومات هي من حق الأهالي كمكان الاعتقال وتفاصيل التهم التي وجهت للمتهمين ووضع المعتقلين وزيارتهم وحق الاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية
يختلف الابتزاز المالي للضحايا حسب نوع الاتهام وطبيعة القضية فبعض القضايا قد يصل حجم الابتزاز المالي فيها الى عشرات آلاف الدولارات تبعا لحالة ذوي المعتقل المادية.
يقول والد أحد المختفين قسريا لدى هيئة تحرير الشام “في كل عام يتواصل معي أحد من العاملين في سجون هيئة تحرير الشام ويدّعي التعاطف و رغبته بتقديم المساعدة ويؤكد لي أن ابني لا زال موجود لديهم، وقد دفعت في العديد من المرات لأحصل على تسجيل صوت لثواني لولدي لكنهم لم يجلبوا لي اي تسجيل”
وفي اخر عملية ابتزاز تعرض لها والد الشاب تم ايهامه بأن الشخص القادر على جلب التسجيل أو تأمين الاتصال تعرض للاعتقال والاستجواب ليضيع المبلغ المدفوع مجددا وتعاد الكرّة مرة أخرة ويؤكد والد الشاب أن عاطفة الأبوة من تدفعه لدفع تلك المبالغ لا عقله.
يتعرض أهالي المعتقلين والمختفين قسريا للابتزاز المالي وفقا لقدرة ذوي المعتقلين المالية ومكانتهم الاجتماعية وقدرتهم على استحصال المال من جهات دولية او محلية وتتبع هيئة تحرير الشام أسلوب غير مباشر عن طريق وسطاء مجهولين يدّعون قدرتهم على الدخول والخروج الى المعتقلات بحجج واهية مثل انه عامل كهرباء او موزع الطعام او سجان في المعتقل ويتم إعطاء هذا الشخص بعض المعلومات التي تمكنه من نسج قصته وتقنع ذوي المعتقل ان هذا الشخص بإمكانه مساعدتهم ومن ثم بعد دفع المبلغ يتم تغييب هذا الشخص بشكل وهمي وغير مبرر وهنا لا يستطيع ذوي المعتقل الادعاء عليه او المطالبة بحقوقهم المادية منه.
وفي حالات أخرى يتم الإيفاء بالاتفاق وايصال معلومات دقيقة لذوي المعتقل او تامين اتصال هاتفي مقابل مبلغ مالي وذلك كي تتنصل هيئة تحرير الشام من الضغوط التي قد تتعرض لها من جهات محلية او دولية لتامين اتصال او إعطاء معلومات فيتبعون هذا الأسلوب من اجل إيصال معلومات غير رسمية الى الاهل تطمئنهم على المعتقل وبالمقابل يخف الضغط عليها كي لا توثق عملية الاعتقال وتتعرض بموجبها لمساءلة مستقبلية.
تصون الأعراف الدولية والقانون الدولي الإنساني حق المعتقل بمحاكمة عادلة وعدم احتجازه دون تهمة واضحة وتضمن له ظروف اعتقال إنسانية كما تحافظ على حق ذويه في معرفة مصيره وأيضا تحفظ حقهم بعدم استغلالهم واللعب بعواطفهم إلا أن الوضع في إدلب مختلف بسبب عدم وجود حكومة شرعية ناتجة عن انتخابات شعبية حقيقية إضافة إلى حالة الفوضى التي تعيشها المنطقة بحسب نشطاء مدنيين ليبقى المعتقلون عرضة لأهواء سجانيهم ويبقى ذويهم يقاسون المر في غيابهم ويبقون عرضة لابتزاز المالي سواء كانت المعلومات التي تصل للأهالي حقيقية أو كاذبة الا أن هدفهم الاستغلال أولا وأخيرا.